‪◕‿◕‬ منتديات طموح جنوبيه - عرض مشاركة واحدة - مناسبة سورة الأنفال لسورة الأعراف
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم اليوم, 02:48 AM


سلطان الزين متواجد حالياً
Saudi Arabia    
اوسمتي
حضور مختلف  حضور متالق  العطاء  الحضور الراقي  وسام الضيافه  وسام شكر 
لوني المفضل Chartreuse
 رقم العضوية : 798
 تاريخ التسجيل : Mar 2023
 فترة الأقامة : 766 يوم
 أخر زيارة : اليوم (04:56 PM)
 المشاركات : 884 [ + ]
 التقييم : 290
 معدل التقييم : سلطان الزين is a jewel in the rough سلطان الزين is a jewel in the rough سلطان الزين is a jewel in the rough
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مناسبة سورة الأنفال لسورة الأعراف



مناسبة سورة الأنفال لسورة الأعراف
د. أمين الدميري

مناسبة سورة الأنفال لسورة الأعراف
سورة الأنفال جاءت بعد سورة الأعراف حسب ترتيب المصحف، وسورة الأعراف مكية، وسورة الأنفال مدنية، وبينهما من حيث ترتيب النزول ما يقْرُب من عشر سنين، وفي هذه الفترة الزمنية نزل ما يقرب من خمسين سورة[1]، ويقول الدكتور مصطفى زيد في تفسيره لسورة الأنفال بعد أن عرض ما قاله الإمام الألوسي في روح المعاني جزء 5 ص 454[2]، ما يلي: "ونحن إذا أمعنَّا النظر في هذه المناسبات التي ذكرها الإمام الألوسي، فيما عسى أن نستخلصه من مناسبات أخرى على شاكلتها، تَبَيَّنَّا أنه لا واحدة منها تخص هاتين السورتين"[3]، قلتُ: وما ذكره الألوسي يُعَدُّ ربطًا من الناحية الشكلية، وهو ما يلي:

1- في سورة الأعراف: ﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ [الأعراف: 199]، وفي سورة الأنفال: تحذير من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]، قال ابن عباس: أمر الله المؤمنين ألا يُقِرُّوا المنكر بين أظهرهم فيَعُمَّهم العذاب؛ ذكره القرطبي: ج4، ص 2827.

2- في سورة الأعراف ذكر قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، وفي سورة الأنفال ذكر النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم مع قومه، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30]، وقوله تعالى: ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 52].


3- وفي أواخر سورة الأعراف: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].

وفي أوائل سورة الأنفال: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2]، قلتُ: وإذا كانت هذه مناسبات من الناحية الشكلية - فيما بدا - فإن المناسبات الموضوعية هي كما يلي:

• الربط أو المناسبة من الناحية الموضوعية:

تُنَاقِشُ سورة الأعراف قضيةَ الاتِّباع لما أنزل الله؛ فقد اسْتُهِلَّت بقوله تعالى: ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 3]، وتُبَيِّن موانع الهدى أو أعداء الدعوة، وهي في السورة ثلاثة:

1- الشيطان.

2- الملأ.

3- الهوى.

أولاًً: كيف تناولت السورتان قضية الشيطان؟

في سورة الأعراف حديث عن الشيطان وجهوده في الدعوة إلى الكفر فيما يقْرُب من عشرين آية، من قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ ﴾ [الأعراف: 11]، إلى قوله تعالى: ﴿ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 30].

وفي سورة الأنفال: قال تعالى: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 48]، ففي سورة الأعراف بيان جهود الشيطان ومحاولاته في الإغواء والوسوسة، والتغرير بكل الطرق وكافة الأساليب والوسائل الشيطانية؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17]، وفي سورة الأنفال: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [الأنفال: 48] يقول ابن كثير في تفسير الآية: حسَّن لهم - لعنه الله - ما جاؤوا له، وما هموا به، وأطمعهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس، ونفى عنهم الخشية من أن يُؤْتَوا في ديارهم من عَدُوِّهم بني بكر، فقال: إني جار لكم؛ وذلك أنه تبدَّى لهم في صورة سراقة بن مالك، وقال ابن عباس: لما كان يوم بدر سار إبليس برايته وجنوده مع المشركين، وألقى في قلوب المشركين أنَّ أحَدًا لن يغلبكم، فلما التقَوْا ونظر الشيطان إلى أمداد الملائكة نَكَصَ على عقبيه؛ أي: رجع مُدْبرًا، وقال: إني أرى ما لا ترون[4]، هذا عن قضية الشيطان.

2- الملأ:

والملأ: هم الكبراء والسادة الذين جعلوا أنفسهم أضدادَ الأنبياء، وهم الذين يملؤون صدور المجالس، وتمتلئ القلوب من هيبتهم، وتمتلئ الأبصار من رؤيتهم، وتتوجه العيون في المحافل إليهم، وتحدثت سورة الأعراف عن جهود الملأ في الدعوة إلى الكفر بالله تعالى وتكذيب الأنبياء واتهامهم بما لا يليق بهم، كما يلي:

• مع نوح عليه السلام: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأعراف: 60].

• مع هود عليه السلام: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66].

• مع صالح عليه السلام: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 75 - 77].

• ومع شعيب عليه السلام: ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴾ [الأعراف: 88].

• وفي قصة موسى عليه السلام: ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴾ [الأعراف: 127].

• وفي سورة الأنفال؛ فإن الملأ من قريش هم الذين قالوا: والله لا نرجِع حتى نَرِدَ بدرًا، فنقيم ثلاثًا، فننحر الجُزُر، ونُطعِم الطعام، ونُسقي الخمر، وتَعْزِف القِيَان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدًا بعدها[5].

وكما بيَّنَت سورة الأعراف كيف انتقم الله من الملأ، فإنه في غزوة بدر أذن الله تعالى بإهانة الملأ، والانتقام من تلك الغطرسة، وأن تُطرَح في القليب، ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يُخَاطِب الجِيَف المتغطرسة أو التي كانت: ((يا أهل القليب - وعَدَّد من كان منهم بأسمائهم - هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا))[6]، ولعل قوله هذا صلى الله عليه وسلم يناسب ما جاء في سورة الأعراف: ﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 44].

3- الهوى:

وسُمِّي الهوى هوًى؛ لأنه يهوي بصاحبه إلى النار، وسئل ابن المقَفَّع عن الهوى، فقال: هوانٌ سُرِقَتْ نونه، فأخذه الشاعر وانتظمه، وقال:

نونُ الهوانِ مِنَ الْهَوى مسروقةٌ
فإذا هَوِيتَ فقد لَقِيتَ هَوانَا[7]

وإذا كانت النفس تهوى الغنائم، فإن حكمها لله والرسول، وفي ذلك كبحُ جماح النفس وطمعها، وحبها للمال، وكان الرضا بحكم الله تعالى بعد السؤال، وكمال الإيمان حينما يكون الهوى تبعًا لحكم الله والرسول.

كما أن النفس لا تحب ولا تهوى القتال ﴿ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ﴾ [الأنفال: 5]، لكن التربية الإيمانية تجعل النفس المؤمنة تهوى القتل في سبيل الله، وتحب لقاء الله تعالى، وتعشق التضحية من أجل الإسلام، وتبيع الدنيا وعَرَضَها الزائل؛ طمعًا في الجنة، وقد تجلى ذلك عمليًّا في الغزوة المباركة، ومن ذلك ما ذكره ابن هشام، قال: ثم خرج رسول صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحَرَّضَهُم، وقال: ((والذي نفسُ محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجلٌ فيُقْتَل صابرًا محتسبًا، مقبلاً غيرَ مُدبِر، إلا أدخله الله الجنة))، فقال عُمَير بن الحُمَام وفي يده تمرات يأكلهن: بَخٍ بَخٍ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟! ثم قذف التمرات، وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قُتِلَ[8].


وفي سورة الأعراف مَثَلٌ لمن باع دينه بعَرَضٍ من الدنيا قليل، وأخلد إلى الأرض واتَّبَع هواه؛ قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 175، 176]، وقوله تعالى: ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾، قال القرطبي: أي: ما زيَّنَ له الشيطان، وهذا المثل في قول كثير من أهل العلم بالتأويل عامٌّ في كل من أوتي القرآن فلم يعملْ به[9].

[1] انظر: النظم الفني في القرآن؛ عبدالمتعال الصعيدي، مكتبة الآداب ص22.

[2] نفس المرجع السابق، طبعة المكتبة التوفيقية.

[3] سورة الأنفال عرض وتفسير، مكتبة دار العلوم، ص 58.

[4] تفسير ابن كثير جزء2، ص 317.

[5] انظر: زاد المعاد؛ ابن القيم، المطبعة المصرية، جزء2، ص 86، 90.

[6] نفس المرجع السابق.

[7] تفسير القرطبي، جزء9، ص 5988.

[8] السيرة النبوية؛ لابن هشام، الجزء الثاني، ص 198.

[9] تفسير القرطبي جزء9، ص 5988.




رد مع اقتباس