كنوز الحوقلة (خطبة) - ‪◕‿◕‬ منتديات طموح جنوبيه
بسم الله والصلاة والسلام علي اطهر البشر محمد يتقدم موقع طموح جنوبيه جزيل الشكر والعرفان لكل من يتاابعنا سواء من الاعضاء الغالين والزوارنا الكرام فا لهم مني كل الاحترام والتقدير والشكر مووصول لطاقم الاداري الذي اقدم لهم كل عبارات الشكر الجزيل على ما قامو وماازالو يقدمون الافضل دوما للموقع من متابعه وتطوير فا لهم منا جل التحايا مغلفه بازكى عبارات الموده فا شكرا من اختكم المحبه لكم في الله (ام هتان ) كلمة الإدارة

إظهار / إخفاء الإعلانات 
عدد الضغطات : 7,695 عدد الضغطات : 977 عدد الضغطات : 0 عدد الضغطات : 0
عدد الضغطات : 0 عدد الضغطات : 2,931 عدد الضغطات : 0 عدد الضغطات : 0
إظهار / إخفاء الإعلانات 
عدد الضغطات : 455 عدد الضغطات : 0
عدد الضغطات : 741 عدد الضغطات : 926
عدد الضغطات : 0 عدد الضغطات : 1,574


الملاحظات

مقتطفات دينية صفحات دينية منوعة مختصرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 02-04-2025, 06:58 PM


سلطان الزين متواجد حالياً
Saudi Arabia    
اوسمتي
حضور مختلف  حضور متالق  العطاء  الحضور الراقي  وسام الضيافه  وسام شكر 
لوني المفضل Chartreuse
 رقم العضوية : 798
 تاريخ التسجيل : Mar 2023
 فترة الأقامة : 701 يوم
 أخر زيارة : 02-17-2025 (07:50 PM)
 المشاركات : 689 [ + ]
 التقييم : 210
 معدل التقييم : سلطان الزين has a spectacular aura about سلطان الزين has a spectacular aura about سلطان الزين has a spectacular aura about
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي كنوز الحوقلة (خطبة)



كنوز الحوقلة (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

كنوزُ الحَوْقَلَةِ


الحمدُ للهِ ذي العرشِ المجيدِ والعطاءِ الفريدِ، عمَّ خيرُه العبيدَ، ووسعَ علمُه الوجودَ، وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ الوليُّ الحميدُ، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه وسلمَ التسليمَ المزيدَ.

أما بعدُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ‌اتَّقُوا ‌اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ... ﴾ [آل عمران: 102].



أيها المؤمنون!

" لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ " كلمةٌ قليلةُ الأحرفِ لكنها ذِكرٌ عند اللهِ كريمٌ، عظيمةٌ حقائقُها، جَزْلةٌ فضائلُها، مباركةٌ آثارُها؛ قد حباها المولى الكريمُ من الفضائلِ والآثارِ ما يجعلُها جديرةً بعنايةِ المكلفِ؛ علمًا وعملًا حتى تكونَ له حالًا راسخًا تظهرُ به تلك الآثارُ وتُجنى به الفضائلُ في الدنيا والآخرةِ. بلغتْ في الاصطفاءِ الربانيِّ أنْ كانت في مصافِّ أحبِّ الكلامِ إليه -سبحانه-، يقولُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " أَحَبُّ ‌الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ "؛ رواه البخاريُّ في الأدبِ المُفْردِ وصحّحَه الألبانيُّ.



و" لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ " من سبلِ الوصولِ إلى الجنةِ، بل هي بابٌ من أبوابِها التي تفضي إليها، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ -رضيَ اللهُ عنهما-، أَنَّ أَبَاهُ دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَخْدُمُهُ، قَالَ: فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ صَلَّيْتُ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ ‌أَبْوَابِ ‌الجَنَّةِ؟» قُلْتُ: بَلَى؟ قَالَ: «‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ "؛ رواه أحمدُ وصحّحَه الحاكمُ والألبانيُّ.



و" ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ " كنزٌ نفيسٌ من كنوزِ الجنةِ، مدَّخرٌ ثوابُه العظيمُ لصاحبِه يومَ القيامةِ، قال أبو موسى الأشعريُّ -رضيَ اللهُ عنه-: لما غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، أو قال: لما توجَّه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أشرفَ الناسُ على وادٍ، فرفعوا أصواتَهم بالتكبيرِ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ارْبَعُوا على أنفسِكم؛ إنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو معكم ". وأنا خلفَ دابةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسمعني وأنا أقولُ: ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ، فَقَالَ لي: " يا عبدَاللهِ بنَ قيسٍ". قلتُ: لبيك يا رسولَ اللهِ، قال: " ألا أدلُّك على كلمةٍ من كنزٍ من ‌كنوزِ ‌الجنةِ؟ ". قلتُ: بلى يا رسولَ اللهِ- فِداك أبي وأمي! -، قَالَ: " ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ " رواه البخاريُّ. ولعلوِّ قدْرِها كانت من كنوزِ العرشِ، قال أبو ذرٍ -رضيَ اللهُ عنه-: أَمَرَنِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ، وذكر منها: " وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللهِ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ ‌كَنْزٍ تَحْتَ ‌الْعَرْشِ "؛ رواه أحمدُ وصحَّحَه الألبانيُّ.



قال ابنُ القيمِ: " ولما كان الكنزُ هو ‌المالُ ‌النفيسُ المجتمعُ الذي يَخفى على أكثرِ الناسِ، وكان هذا شأنَ هذه الكلمةِ؛ كانت كنزًا من كنوزِ الجنةِ، فأُوتيَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم من كنزٍ تحت العرشِ ". وكما أنها من كنوزِ الجنةِ فهي غراسُ أشجارِها الخالدةِ، فقد مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ أُسرِيَ به على إبراهيمَ صلى الله عليه وسلم، فقال: مَنْ مَعَكَ يا جبرائيلُ؟ قال: هذا محمدٌ، فقال له إبراهيمُ -عليه السلامُ-: يا محمدُ! مُرْ أمَّتكَ؛ فَليُكْثِرُوا مِن ‌غِراسِ الجنَّة؛ فإنَّ تُربتَها طيبّةٌ، وأرضَها واسعةٌ، قال: ما ‌غِراسُ الجنَّةِ؟ قال: ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوَّةَ ‌إلا ‌بالله "رواه أحمدُ وحسَّنَه المنذريُّ وابنُ حَجَرٍ. وهي من أسبابِ تكفيرِ السيئاتِ ومحوِ الذنوبِ، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يَأوي إلى فراشِه: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلا ‌باللهِ العليِّ العظيمِ، سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ؛ غُفرت له ذنوبُه أو خطاياه وإنْ كانت مثلَ ‌زبدِ ‌البحرِ"؛ رواه النسائيُّ وصحَّحَه ابنُ حبانَ والألبانيُّ.



وهي من أسبابِ استجابةِ الدعاءِ وقبولِ العملِ الصالحِ، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ توضأَ وصلى قُبلتْ صلاتُه "؛ رواه البخاريُّ.



وهي من خيرِ ما يُرجى ثوابُه ويُؤمَّلُ خيرُ عاقبتِه من الباقياتِ الصالحاتِ، كما قال تعالى: ﴿ ‌وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46]، قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ "، قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ "؛ رواه أحمدُ وصحّحَه ابنُ حبان وحسَّنَه ابنُ حَجَرٍ.



عبادَ اللهِ!

إنّ " لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ " بركةٌ معجَّلةٌ تَفيضُ على قائلِها مع ما يُدَّخرُ له في الآخرةِ من ثوابٍ؛ فبها تُدفعُ عوادي الشرورِ وتُرفَعُ، يقولُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ - يَعْنِي - إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، يُقَالُ لَهُ: ‌كُفِيتَ، وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ " رواه الترمذيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ. ومن أخطرِ الشرورِ التي يَدفعُها هذا الذكرُ الهمومُ والأحزانُ، أوصى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ ابْنَه قائلًا: " يَا بُنَيَّ، إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ نِعْمَةً؛ فَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَإِذَا أَحْزَنَكَ أَمْرٌ؛ فَقُلْ: ‌لا ‌حَوْلَ ‌وَلا ‌قُوَّةَ ‌إِلا ‌بِاللَّهِ، وَإِذَا أَبْطَأَ عَلَيْكَ رِزْقٌ؛ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ". و" لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ" كلمةُ استعانةٍ وإعانةٍ وتوكلٍ، قال عُروةُ بنُ عامرٍ - رضيَ اللهُ عنه -: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: " أحْسَنُهَا الفَألُ، وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فإذا رَأى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ، فَليْقلْ: اللَّهُمَّ ‌لَا ‌يَأتِي ‌بِالحَسَناتِ إلاَّ أنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلاَّ أنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِكَ " رواه أبو داودَ وصحَحَّه النوويُّ. ولها خاصيةٌ عجيبةٌ في معالجةِ الأمورِ الصعبةِ ومكابدتِها وحَلِّ عُضَلِها؛ ولذا شُرِعَ قولُها في إجابةِ المؤذنِ حين يَصْدَحُ مناديًا لأعظمِ العباداتِ: " حيَّ على الصلاةِ، حيَّ على الفلاحِ ". قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةِ: " وَليكن ‌هِجِّيراه: " ‌لَا ‌حول ‌وَلَا ‌قُوَّة ‌إِلَّا ‌بِاللَّه "؛ فَإِنَّهَا بهَا تُحملُ الأثقالُ، وتُكابدُ الْأَهْوَالُ، ويُنالُ رفيعُ الْأَحْوَال "، " وبها يَقتدرُ الإنسانُ على كلِّ فعلٍ "، ويقولُ ابنُ القيمِ: " وهذه الكلمةُ لها تأثيرٌ عجيبٌ في معالجةِ الأشغالِ الصعبةِ، وتحمّلِ المشاقِّ، والدخولِ على الملوكِ ومَن يُخاف، وركوبِ الأهوالِ. ولها -أيضًا- تأثيرٌ في دفعِ الفقرِ"، وقال ابنُ عثيمينَ: " إذا أعْياك شيءٌ، وعجزتَ عنه؛ قل: لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ؛ فإنّ اللهَ يُعنيك عليه ". وقد اتخذَها الموفَّقون عُدّةً لهم فيما يُكابِدونه من مشاقِّ الأمورِ؛ فكان لهم من اللهِ بها الفرجُ والتوفيقُ والإعانةُ. فكان منهم مَن جعلَها عدّةً في جهادِه. كتب عمرُ بنُ الخطابِ لقائدِه في معركةِ القادسيةِ سعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ -رضيَ اللهُ عنهما-: " أما بعدُ، فتعاهدْ قلبَك، وحادِثْ جندَك بالموعظةِ، والصبرَ الصبرَ؛ فإنّ المعونةَ تأتي من اللهِ على قدْرِ النيةِ، والأجرُ على قدْرِ الحِسبةِ، وأكثرْ من قول: ( ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلا ‌باللَّهِ )، وصِفْ ليَ منازلَ المسلمين كأني أنظرُ إليها وقد أُلقي في رُوعي أنكم إذا لقيتمُ العدوَّ هزمتمُوهم، فإنْ مَنَحَك اللهُ أكتافَهم؛ فلا تنزعْ عنهم حتى تقتحمَ عليهمُ المدائنَ؛ فإنها خرابُها إن شاءَ اللهُ ". وقال حبيبُ بنُ مَسْلمةَ: " كَانَ‌‌ يُسْتَحَبُّ إِذَا لَقِيَ عَدُوًّا، أَوْ نَاهَضَ حِصْنًا، قَوْلُ: ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ، وَأَنَّهُ نَاهَضَ يَوْمًا حِصْنًا فَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَتَحَصَّنُوا فِي حِصْنٍ آخَرَ لَهُمْ، أَعْجَزَهُ، فَقَالَهَا الْمُسْلِمُونَ ‌فَانْصَدَعَ الْحِصْنُ". وقال أبو إسحاقَ الغزوانيُّ: " زَحَفَ إِلَيْنَا أَزْدَمْهَرُ عِنْدَ مَدِينَةِ الْكِيرَجِ فِي ثَمَانِينَ فِيلًا، فَكَادَتْ تَنْفَضُّ الْخُيُولُ وَالصُّفُوفُ، فَكَرِبَ لِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ، فَنَادَى عِمْرَانَ بْنَ النُّعْمَانِ أَمِيرَ أَهْلِ حِمْصٍ وَأُمَرَاءَ الْأَجْنَادِ، فَنَهَضُوا فَمَا اسْتَطَاعُوا،‌‌ فَلَمَّا أَعْيَتْهُ الْأُمُورُ نَادَى مِرَارًا: ‌( لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ )، فَكَفَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‌الْفِيَلَةَ بِذَلِكَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهَا الْحَرَّ، فَأَنْضَجَهَا، فَفَزِعَتْ إِلَى الْمَاءِ، فَمَا اسْتَطَاعَ سُوَّاسُهَا وَلَا أَصْحَابُهَا حَبْسَهَا، وَحَمَلَتِ الْخَيْلُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ الْفَتْحُ بِإِذْنِ اللَّهِ ".



الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.

أما بعدُ، فاعلموا أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...



أيها المؤمنون!

وكان من العلماءِ مِن يُقدِّمُ " لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ " بين يدي إفتائه وقضائه وتوقيعِه عن ربِّ العالمينَ؛ فلا شيءَ يَتقدَّمُها. وأكثرُ مَن عُرِفَ بذلك الإمامُ مالكٌ، فكان لا يفتي حتى يقولَ: " لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ ". وسأله رجلٌ عن مسألةٍ فردَّه، ثم عادَ فردَّه ثلاثًا؛ فكأنّه تهاونَ بعلمِ ‌مالكٍ، فأتاهُ أتٍ في نومِه يقولُ له: أنت المتهاونُ بعلمِ ‌مالكٍ؟! ائتِه فأسألْهُ، فلو كانت مسألتُك أدقَّ من الشَّعرِ وأصلبَ من الصخرِ لوُفِّقَ فيها باستعانتِه بـ" ما شاءَ اللهُ ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلا ‌باللهِ العليِّ العظيمِ ". قال حمادُ بنُ إسحاقٍ: " إني لأستعينُ بكلمةِ ‌مالكٍ -رحمه اللهُ- عند فتياه- وهي: " ما شاءَ اللهُ، ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلا ‌باللهِ "- إذا صَعُبَتْ عليّ المسألةُ، فإذا قلتُها انكشفتْ لي ". وكان قاضي الأندلسِ محمدُ بنُ بشيرٍ المُعافِريُّ يَستفتِحُ بها قضاءَه بين الخصومِ؛ راجيًا بها هدايةَ اللهِ لصوابِ الأحكامِ. ومنهم من كان يتخذُها زادًا له في إمدادِه بالثباتِ والصبرِ على الأذى في سبيلِ اللهِ، كما كان الإمامُ أحمدُ يَلْهَجُ بها وسياطُ الجَلَّادِ تَنْهالُ على جسدِه السبعينيِّ في فتنةِ خلْقِ القرآنِ. وكانت تلك الكلمةُ زادًا لولاةِ العدلِ في الاستقواءِ بقوةِ اللهِ والقيامِ بأمرِه حين كانت نقشَ خاتمِهم، كما كان ختمُ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ -رضيَ اللهُ عنهما-. بل كان ذلك الذِّكرُ هِجِّيرى بعضِ العلماءِ في سكوتِهم، كما كان الضَّحاكُ بنُ مُزاحمٍ يُكثِرُ منها أثناءَ صمْتِه؛ طلبًا لثوابِها وفضلِها. قال مَعْديُّ بنُ سليمانَ: " كان عمرانُ القصيرُ يقولُ لنا: ‌يا ‌فِتْيَان، أكثروا من قولِ: " ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلَّا ‌باللهِ ". فكنّا نقولُها كثيرًا، فرأيتُ في المنامِ كأني في البَحْرِ على صَدْرِ سفينةٍ والأمواجُ ترفعُني وتَضعُني، فقلتُ للبحرِ: إنما أنا عبدٌ وأنت عبدٌ، فاجهدْ على جَهْدِك، فلما أصبحتُ لقيتُ محمدَ بنَ فَضاءٍ، فقصصتُ عليه الرؤيا، فقال: هذا رجلٌ يُكثرُ من قولِ: ‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلَّا ‌باللهِ ". قال مكحولٌ: " من قالَ: (‌لا ‌حولَ ‌ولا ‌قوةَ ‌إلا ‌باللهِ، ولا منجا من اللهِ إلا إليه)؛ كشفَ اللهُ عنه سبعين بابًا من الضُّرِّ، أدناهُنَّ ‌الفقرُ".



عبادَ اللهِ!

إنَّ عِظمَ شأنِ هذا الذكرِ العظيمِ نابعٌ من عِظَمِ ما حَواه وأُتْرِعَ فيه من جُللِ معاني التوحيدِ؛ من إفرادِ اللهِ بالتدبيرِ والتعلقِ وحسنِ الظنِّ وكمالِ التوكلِ والثقةِ والتفويضِ والاستسلامِ، وإظهارِ العبدِ عجزَه وضعفَه وفقرَه، وتبرئه مِن حَوْلِه، ونفيه العُجْبَ عن نفْسِه، وقطْعِه الأملَ فيما عدا ربِّه؛ فهل مِثلُ هذا يَخذلُه أكرمُ الأكرمين؟! روى أبو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَلَا أُعَلِّمُكَ - أَوْ قَالَ: أَلَا أَدُلُّكَ - عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ؟ تَقُولُ: ‌لَا ‌حَوْلَ ‌وَلَا ‌قُوَّةَ ‌إِلَّا ‌بِاللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَسْلَمَ عَبْدِي ‌وَاسْتَسْلَمَ "؛ رواه أحمد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.



قال ابنُ رجبٍ: " وَأَمَّا الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْخَلْقِ، فَلِأَنَّ الْعَبْدَ عَاجِزٌ عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِجَلْبِ مَصَالِحِهِ، وَدَفْعِ مَضَارِّهِ، وَلَا مُعِينَ لَهُ عَلَى مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إِلَّا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ، فَهُوَ الْمُعَانُ، وَمَنْ خَذَلَهُ فَهُوَ الْمَخْذُولُ، وَهَذَا تَحْقِيقُ مَعْنَى قَوْلِ: " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " فَإِنَّ الْمَعْنَى لَا تَحَوُّلَ لِلْعَبْدِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَلَا قُوَّةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، فَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورَاتِ كُلِّهَا فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ مِنْ أَهْوَالِ الْبَرْزَخِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَمَنْ حَقَّقَ الِاسْتِعَانَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَعَانَهُ ".



ومَن تَعَشَّمَ في الرحمَنِ أيَّدَهُ
وفي التَعَلُّقِ بالأشيَاءِ خُذْلانُ
فلْيَعلَمِ العَبدُ مَهما أحرَزَت يَدُهُ
سَعْيُ المُجِدِّ بِدُونِ اللّهِ خُسْرَانُ
فَالْجَأْ إليهِ ولا تَركَنْ إلى سَبَبٍ
لولا المُسَبِّبُ مَا كُنّا ولا كَانوا




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


يتصفح الموضوع حالياً : 21 (0 عضو و 21 ضيف)
 

(عرض الكل الاعضاء الذين شاهدو هذا الموضوع: 2
,

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من كنوز آية الكرسي (خطبة) سلطان الزين مقتطفات دينية 0 02-04-2025 06:56 PM

 اهداء للجميع مقدم من منتديات طموح جنوبيه

إظهار / إخفاء الإعلاناتاعلانات نصيه منوعه
مركز تحميل الوان فسفوريه معهد ترايد نت ابن الصحراء موقع لحذف الموسيقا شركة محجوز كوم
الارشفه تبع موقعك مجتمع همسات ضمد افحص موقعك مركز تخميل الخاص بالموقع مجموعة الغلا للاستضافه والدعم الفني الديوان الملكي
اختر خطك العربي وتميز ترجمة قوقل صفحتي على قوقل موقع لتحويل الفيديو موقع ممارس fatafeat
مدرسة جرافيك مان زخرف اسمك وادلع موقع رهيب للايقونات موقع تحميل ملفات 4 موقع لتحميل ملفات الفيديو مكتبة البرامج العربية
ملحقات تصميمك هنا اعلان معنا لتبادل الاعلاني صحيفة خبر عاجل الاكترونية انستقرام الخاص لعرض تصاميمي وظائف حكومية في السعودية موقع لتحميل الصوتيات بصيغةmb3

الساعة الآن 04:04 AM.

أقسام المنتدى

░ ۩ ۞ ۞ واااحتنا ۞ ۞ ۩ ░ @ ۩طموح التراحيب۩ @ ¨خاص بالأنامل الذهبية ¨ @ ۩ قسم التواصل مع الادارة ۩ @ ۩ ۞ مملكتي وتصاميمي الخاصه ۞ ۩ @ ۩ تـصاميمي الخاصه ۩ @ ۩تـصاميمي المنوعة۩ @ ۩ ۞ واحة التطوير للمواقع والدعم الفني ۞ ۩ @ ۞ استايلات مختلفه ومنوعه ۞ @ ░ ۩ ۞ ۞ قـوانيننا وشـروطنا ۞ ۞ ۩ ░ @ ¨شروطنا واسعارنا ¨ @ ¨اعلاناتنا واهدأتنا ¨ @ زاويه خاصه بعملاءنا الكرام ¨ @ ░ ۩ ۞ ۞ ادارتـي ۞ ۞ ۩ ░ @ مدونتي عالم لا يفهمه الا أنا @ قسم خاص لطلب التباادل الاعلاني @ ۩ قسم مشاكل وطلبات المنتديات ۩ @ ملحقات الفيتوشوب والتصاميم @ ۞قسم خاص لغيمة الابداع۞ @ ۩ مقسم للمواضيع المخالفه ۩ @ قسم لهاكات واكواد وشروحات لتطوير المواقع @ ۩ الدعم الفني المدفوع ۩ @ ۩ ۞ واحة من برامج و ملحقات التصاميم ۞ ۩ @ خاص @ ۩دروسي المتواضعه۩ @ ۩ ۞ لمسـات فنيـة ۞ ۩ @ ۞ استايلات شعاع ديزاين ۞ @ ۞فـيتوشوب۞ @ ۞السيوتش ماكس۞ @ استايلات متمدده @ استايلات ذو خلفيه ثابته @ استايلات رباعية @ ۩ استايلات خاصة ۩ @ اعمال وتصاميم مدفوعه @ استايلات معروضه للبيع @ منتدى البرامج والكمبيوتر @ دورة مبسطه لتصميم استايل جانبي @ الاستايلات المدفوعه @ استقبال طلاباتكم لتصميم المدفوع @ دروس لتنسق المنتدى @ لي طلبات الاعضاء واستقساراتهم @ قسم خاص لالوان المجموعات @ فهرس المواضيع @ اخبار طموحنا واعضائنا الغالي @ ۞ ۩اعمال ابن الصحراء۩ ۞ @ فيديوهات منوعة من قناتي @ واحــة عـــااامة @ مقتطفات دينية @ مقاطع اسلاميه دعوية ..وانااشيد @ واحة اكترونية @ واحة اجتماعيه @ تنسيقاتي @ مع فنجان قهوة وقطعة حلا @



Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
new notificatio by 9adq_ala7sas
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

جميع آلمشآركآت آلمكتوبه تعبّر عن وجهة نظر صآحبهآ , ولا تعبّر بأي شكل من آلأشكآل عن وجهة نظر إدآرة آلمنتدى